مقدمة
يحاول هذا المقال التعرف على ظاهرة تأنيث الفقر في تونس، الدولة الرائدة في الدفاع عن حقوق المرأة في الوطن العربي وأفريقيا. نحاول من خلال هذه المقالة أيضا فهم العوامل التي تؤثر في ظاهرة فقر المرأة، سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية. إضافة إلى ذلك، يسلط المقال الضوء على ظاهرة الفقر في تونس وتوزيع معدلات الفقر بين النساء والرجال. تختتم الدراسة بعدد من التوصيات ذات الصلة.
تأنيث الفقر، تحديد المفهوم
يعرف موقع ويكيجندر (wikigender) تأنيث الفقرعلى أنه زيادة في الاختلاف في مستويات الفقر بين النساء والرجال، أو بين الأسر التي يرأسها رجل أو زوجين. كما يعرف تأنيث الفقر على أنه زيادة في الدور الذي تلعبه اللامساواة بين الجنسين كعامل محدد للفقر، والذي يساهم في تأنيث الفقر.
كانت ديانا بيرس (Dian Pearce) من أوائل من ناقش ظاهرة “تأنيث الفقر” في أواخر سبعينات القرن الماضي، ومنذ ذلك الوقت، درس العديد من العلماء وخبراء النوع الاجتماعي الاتجاهات في معدلات فقر الرجال والنساء. في العام 1996، ناقشت لجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة في دورتها الأربعين، قضية المرأة والفقر واقترحت مزيدًا من الإجراءات التي ينبغي اتخاذها من قبل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة والمجتمع الدولي ككل، بما في ذلك تعميم منظور “النوع الاجتماعي” على جميع البرامج والسياسات المعنية بالقضاء على الفقر.
صورة من تأنيث الفقر في تونس
تركت “ثورة” 2011 بصماتها على المرأة التونسية، لا سيما مع سيطرة القوى الإسلامية وصعود الجماعات الإرهابية الجهادية. بالإضافة إلى ذلك، تضرر الوضع الاقتصادي للبلاد بشكل خطير منذ العام 2011 تحت تأثير العديد من الصدمات السلبية، بما في ذلك انهيار السياحة ، خاصة بعد زيادة معدلات انعدام الأمن والأزمات السياسية في عامي (2013-2012)، والهجمات الإرهابية في عامي (2015-2016)، بالإضافة إلى تأثر السوق الليبي (بسبب الحرب الأهلية في ليبيا)، وتراجع إنتاج الفوسفات والنفط بسبب الخلافات المتفشية لدى الشركات المملوكة للدولة. (تم نقل الفقرة)
في تونس ومنذ العام 2011، بدأت وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني بالإشارة إلى مفهوم “تأنيث الفقر”. كما تبنت تونس سياسة النهوض الاجتماعي و تحرير المرأة وإصدار مجلة الأحوال الشخصية بما يسمح للمرأة المشاركة في التنمية وزيادة دخل الأسرة والحد من الفقر. (تم نقل الفقرة)
ساهمت الهجرة الداخلية في هشاشة الوضع الاقتصادي للمرأة الريفية، فضلاً عن أن النساء المهاجرات إلى المدن يعملن عمومًا في مهن متدنية الدخل، حيث تتزايد مخاطر الاستغلال الجنسي
أصبحت تونس أكثر تمدنًا بفضل الهجرة الداخلية، التي تعد محط اهتمام النساء بدرجةٍ أولى. وقد نتج عن هذه الهجرة إلى المدن الكبيرة مشاكل جديدة مرتبطة بالفقر، مثل توسع ضواحي المدن الكبيرة. تعد الهجرة الداخلية وسيلة للحد من الفقر، حيث أن الاقتصادات تتحول تدريجيًا من الزراعة إلى القطاعات الأخرى ذات الأجور الأعلى. وقد ساهمت الهجرة الداخلية في هشاشة الوضع الاقتصادي للمرأة الريفية، فضلاً عن أن النساء المهاجرات إلى المدن يعملن عمومًا في مهن متدنية الدخل، حيث تتزايد مخاطر الاستغلال الجنسي وغيره من أشكال الاستغلال.
فقد أفادت دراسة نشرها بنك التنمية العالمي حول خريطة الفقر في تونس بأن مناطق الشمال الغربي والوسط الغربي والجنوب تتميز بالفعل بمعدلات عالية من الفقر بين النساء، وهي الأقل حظًا من ناحية توفر الخدمات. يعتبر السكن من أكثر الجوانب التي تهدد فقر المرأة، لأنه يعكس الظروف المعيشية للأسرة التي تتحمل المرأة المسؤولية الأولى عنها. وفقًا لمركز البحوث والدراسات والتوثيق والمعلومات حول المرأة (CREDIF)، تتطلب مكافحة الفقر بين النساء إمدادًا كافيًا بالبنية التحتية الأساسية والوصول إلى الخدمات،
كيف يتجلى فقر النساء؟
في الربع الثالث من العام 2020، بلغت نسبة بطالة الإناث في تونس 22.8 في المائة، أي ما يقرب عن 10 في المائة مقارنة بالرجال. تعد هذه النسبة أعلى في المناطق الريفية. كما تنتج بطالة المرأة عن عدة عوامل، مثل:
- عروض العمل المتاحة لا تكفي للعدد المتزايد للشابات.
- النساء المتعلمات وأولئك اللاتي يتزوجن في سن متأخرة (متوسط عمر الزواج الأول في 2014 حوالي 28 سنة للنساء و33 سنة للرجال).[1]
من ناحية أخرى، لا يزال معدل العزوبة عند 30 عامًا: 28.4% للنساء و53.5% للرجال. وتترك المرأة المتزوجة، عملها بسبب الإنجاب. كما أن الأجيال الأولى من النساء العاملات لا يحرصن على الزواج إلا في وقت لاحق لأنهن حريصات على استقلاليتهن، بسبب الحاجة إلى المساهمة في دخل الأسرة، أو لكونهن المعيل الوحيد لأسرهن. إلا أن الصعوبات العائلية وقيود النظام الاقتصادي تدفعهن إلى ترك سوق العمل. على سبيل المثال، قُدرت النسبة المئوية لنشاط المرأة المهني في العام 2014 بنحو 28.5%. كما بلغت نسبة 50.7% كحد أقصى للفئة العمرية بين 25-29 سنة. وانخفضت هذه النسبة فيما بعد إلى 37% لمن تتراوح أعمارهم بين 40-44 سنة وإلى 30.3% بين من تتراوح أعمارهم بين 45 و49 سنة، بينما كانت 90.7% و89.4% للرجال على التوالي.
وبحسب دراسة قدمها الاتحاد العام التونسي للشغل[2] فإن النساء أكثر قلقًا على مستقبلهن من الرجال بسبب الواقع الاقتصادي. وهذا ليس مفاجئًا حين نعلم أن البطالة ناتجة عن التسريح الجماعي من خلال الإغلاق العشوائي للمؤسسات. هذا يؤثر على القطاعات الأكثر ضعفا في الاقتصاد. وهذا مرتبط بالظروف الدولية، خاصة في صناعة النسيج والملابس.
الخاتمة
يجب أن يعاقب القانون على التمييز في كل من الأجور والترقية المهنية والمسار الوظيفي
دعا الدستور التونسي إلى التكافؤ الأفقي والعمودي في القوائم الانتخابية للحزب، وإصدار قانون شامل يتعلق بمكافحة العنف، وإنشاء لجنة الحريات الفردية والمساواة برئاسة الجمهورية لعام 2017. يتعين على تونس إجراء إصلاحات تشريعية وإدارية لمنح المرأة حق الوصول الكامل والمتساوي إلى الموارد الاقتصادية، بما في ذلك الحق في الميراث وملكية الأرض. يجب أن يعاقب القانون على التمييز في كل من الأجور والترقية المهنية والمسار الوظيفي. ومن التحديات أيضًا وضع آليات لتفعيل قانون العنف الأسري وكافة القوانين المتعلقة بحقوق المرأة، وأهمها تأسيس البنية التحتية اللازمة لحماية حقوق المرأة. كما يكلف قانون العنف جميع وزارات الدولة تقريبًا بالعمل على القضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة، مثل برامج وزارة التربية والتعليم القائمة على المساواة.
[1] . المرأة التونسية في العمل والحركة النقابية، درة محفوظ – نشر في ديسمبر – كانون الأول عام 2018. للاطلاع، انظر الرابط التالي: http://library.fes.de/pdf-files/bueros/tunesien/15344.pdf
[2] المرأة التونسية في الاقتصاد غير الرسمي: الواقع والحلول الممكنة من وجهة نظر نقابية. قسم النساء العاملات، صادر عن الاتحاد العام التونسي للشغل، 2016.
لا تتحمل فيستو أية مسؤولية عن محتوى المقالات المنشورة في موقعها. تعبر المقالات عن آراء أصحابها ولا تعبر بالضرورة عن آراء منظمة فيستو. تتعهد فيستو بإتاحة المجال، دائما، لكل الكتّاب ولتبادل وجهات النظر وإثراء النقاش من كافة الأطراف على قاعدة الاحترام المتبادل.